انشغلت مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية بأخبار حوادث السير، مقاطع فيديو مؤلمة تصادفك كيفما قلبت ناظريك على صفحات الفيس البوك وغرف الواتس آب لتتحول تلك الأخبار لحديث الناس اليومي وأحد أهم الهواجس التي باتوا يخشون وقوعها.
تباينت آراء الناس وتعليقاتهم على تلك الحوادث فأرجعها بعضهم للسرعة الزائدة، في حين رأى آخرون أن ازدحام المحرر في السيارات وضيق الطرق التي باتت تغص بسالكيها لعبا دوراً أكبر في تلك الحوادث، بينما يصر آخر على أن الجهل بقوانين السير من قبل كثير من السائقين شكل السبب الرئيسي لتلك الحوادث.
يقول حمزة العبد الله شاب من إدلب “إن السبب الأول و الرئيس وراء ازدياد حوادث السير في مناطق شمال غربي سوريا ولا سيما مناطق شمال إدلب، هو الكثافة السكانية العالية التي تشهدها تلك المناطق و دخول السيارات الأوروبية المستعملة بشكلٍ كبير إلى المنطقة، حيث باتت أعداد السيارات كبيرة مقارنة بمساحة المنطقة التي يتجاوز عدد السكان المقيمين فيها قدرة استيعابها بثلاثة أضعاف، كما أن شبكة الطرق في كامل المناطق المحررة غير مؤهلة لاستيعاب هذا الكم الهائل من الآليات وذلك على الرغم من التوسعة التي قامت بها بعض المنظمات و السلطات المحلية، والتي لم تشمل إلا نسبة قليلة من الطرق الرئيسية في المحرر”.
يضيف العبد الله “إن من الأسباب الرئيسية لوقوع الحوادث جهل السائقين بقانون السير، كما أن مدارس السياقة ما تزال في بداية عملها ولم يصدر حتى اليوم قرار من السلطات بفرض شهادات القيادة على السائقين، كما تغيب القوانين التي تحدد عمر السائق عن الواجهة، حيث تنتشر ظاهرة قيادة الأطفال للسيارات أو الدراجات النارية بكثرة دون أي ضوابط أو رادع الأمر الذي زاد من انتشار ظاهرة الحوادث المرورية والتي أودت مؤخراً بحياة العديد من المواطنين”.
بعد كل مقطع ينشر على مواقع التواصل تبدأ التحليلات والتعليقات حول أسباب الحادث وكل معلق يطرح وجهة نظره الخاصة بالموضوع ويدافع عنها بقوة، وحده صاحب الحادث يرقد في المشفى جثة هامدة أو جريحاً يأن بآلامه.
يقول محمد العمر وهو ناشط إعلامي “إن أغلب الحوادث التي شاهدها عبر كاميرات المراقبة كانت ناتجة عن السرعة الزائدة أو عن الجهل بقوانين السير من ناحية أحقية التجاوز أو أفضلية المرور، إذ من المعروف أن السرعة المسموح بها في الطرق ذات الاتجاه الواحد داخل المدن يجب ألا تتجاوز الأربعين كم في الساعة بينما شاهدنا مركبات تسير بسرعة أكبر بكثير من هذه السرعة على الطرق ذات المسارين والتي تتخللها تقاطعات تجعل إمكانية وقوع الحادث أكبر بكثير نتيجة القيادة بهذه السرعات”.
وهو ما اتفق معه حمزة العبد الله بقوله إن عمليات التوسعة التي طرأت على الطرق الرئيسية سمحت للسيارات بالمسير بسرعات كبيرة، لكن هناك مشكلات يجب أن يتم تلافيها إذ تكثر التقاطعات على تلك الطرق عند مداخل المدن وقد وقعت عدة حوادث على تلك التقاطعات مؤخراً نتيجة استعجال السائقين بقطع الطريق دون التأكد من خلوه، وطالب حكومة الإنقاذ بإنشاء جسور على مداخل المدن الكبرى أو نشر دوريات شرطة تضبط السرعة وتنظم السير على تلك المفارق، كما طالب العبد الله بزيادة أعداد دوريات الشرطة وخاصة الدوريات الجوالة على الطرقات ومنحهم صلاحيات واسعة لضبط أي مخالفة تقع أمامهم سواء من ناحية التجاوز الخاطئ أو التهور بالقيادة أو السرعة.
مع بداية انتشار الحوادث كثفت دوريات المرور من عملها، ونفذت عدة إجراءات للحد من الحوادث وتنظيم السير حيث أكد رئيس فرع المرور النقيب عبد المعطي الثلجة أن الحوادث التي وقعت مؤخراً ناتجة عن ازدياد أعداد السيارات بشكل كبير بما لا يتوافق مع البنية التحتية الموجودة في المنطقة نتيجة غياب الجسور والممرات الآمنة التي تنظم حركة السير على مداخل المدن، كما أن جهل أغلب السائقين بقوانين السير وتهور بعضهم عبر القيادة بسرعة زائدة أو بطريقة رعناء زاد من ظاهرة الحوادث، ناهيك عن عدم جاهزية بعض المركبات بشكل يمكنها من تلافي أي طارئ تواجهه أثناء مسيرها إضافة للكثافة الكبيرة في أعداد الدراجات النارية.
وقال رئيس فرع المرور النقيب عبد المعطي الثلجة إن شرطة المرور نفذت اجراءات كبيرة للتخفيف من هذه الحوادث عبر تسيير الدوريات على الأوتسترادات وبدأت الدوريات بقمع كافة المخالفات وخاصة السرعة الزائدة التي تعتبر أهم مسبب بهذه الحوادث، كما قامت دوريات المرور بوضع الخطط للتخفيف من تلك الحوادث عبر تجهيز الشاخصات المرورية لوضعها على الأوتسترادات والدوارات والتقاطعات الرئيسية، إضافة لتنظيم حملات التوعية التي تنفذ ضمن شقين الأول على منصات التواصل الاجتماعي و الثاني ينفذه العناصر مع السائقين على الطرقات مباشرة وسينفذ الفرع ندوات مرورية في كافة المناطق بهدف توعية الأهالي بقوانين السير، كما سيفعل فرع المرور نظام إشارات المرور الضوئية ضمن المدن بغية تنظيم السير والتخفيف من الاختناقات والحوادث المرورية إضافة لتفعيل نظام مراقبة الطرق بالرادار للحد من السرعات الزائدة.
وفي السياق ذاته فعل فرع المرور عمل مفرزة الطرق العامة وبدأ عمل مفارز جديدة مثل مفرزة أطمة و معرة مصرين وجسر الشغور وسيفعل عمل مركز مرور الدانا قريباً، كما بدأت مدارس القيادة عملها وستبدأ قريباً بإصدار شهادات السياقة.
وثقت فرق الدفاع المدني خلال الأسبوع الجاري وفاة سبعة مدنيين وإصابة سبعة وثلاثين آخرين بينهم نساء وأطفال نتيجة حوادث السير، وهو ما دفع ناشطين لإطلاق عدة حملات توعية تتحدث عن مخاطر السرعة الزائدة وضرورة توخي الحذر أثناء القيادة.